لماذا تشهد أسواق الأسهم الكبرى ارتفاعات قياسية متزامنة؟ وهل تستمر الطفرة طويلاً؟

26/2/2024

تشهد أسواق الأسهم في الاقتصادات الكبرى ارتفاعات قياسية خلال الفترة الأخيرة، بدعم طفرة الذكاء الاصطناعي وآمال خفض معدلات الفائدة.

 

لكن الصعود القياسي المتواصل للأسهم العالمية أثار بعض المخاوف بشأن مدى استدامة هذه المكاسب وسط مخاطر متصاعدة.

 

 

 

مكاسب قياسية متزامنة

 

- شهدت مؤشرات الأسهم الأوروبية إغلاقاً قياسياً بنهاية الأسبوع الماضي، لتتجاوز القمة السابقة المسجلة في يناير 2022.

 

 

 

- صعد مؤشر "ستوكس 600" الأوروبي لمستوى قياسي بلغ 497.2 نقطة بنهاية جلسة الجمعة الماضية، مرتفعًا بنحو 4% منذ بداية هذا العام.

 

- سجل مؤشر أسهم التكنولوجيا في "ستوكس 600" ارتفاعاً بنحو 12% منذ بداية العام الجاري، ليرتفع لأعلى مستوى في 23 عامًا.

 

- كما ارتفع مؤشرا "داكس" الألماني و"كاك" الفرنسي لمستويات تاريخية جديدة الأسبوع الماضي.

 

- في اليابان، نجح مؤشر "نيكي 225" في الإغلاق أعلى 39 ألف نقطة للمرة الأولى على الإطلاق، ليتجاوز قمته السابقة التي سجلها في عام 1989.

 

 

- تزامن الصعود القياسي لمؤشرات الأسهم في أوروبا واليابان مع الارتفاع التاريخي لسوق الأسهم الأمريكية.

 

- أغلق مؤشر "إس آند بي 500" جلسة الجمعة الماضية عند مستوى قياسي بلغ 5088 نقطة، بعد أن كان قد تجاوز 5100 نقطة في وقت سابق من الجلسة للمرة الأولى في تاريخه.

 

- كما صعد مؤشر "داو جونز" أعلى مستويات 39100 نقطة للمرة الأولى على الإطلاق، بينما انخفض "ناسداك" بشكل طفيف قرب مستوياته القياسية المسجلة عند 16 ألف نقطة.

 

- بشكل عام، ارتفع مؤشر "إم إس سي إي" للأسهم حول العالم لمستوى قياسي جديد الأسبوع الماضي.

 

الذكاء الاصطناعي يقود الصعود

 

- جاءت مكاسب أسواق الأسهم العالمية مؤخرًا بدعم  من التفاؤل حيال تقنيات الذكاء الاصطناعي، وما قد تعنيه بالنسبة للاقتصاد العالمي.

 

- تسببت شركة "إنفيديا" في موجة من التفاؤل بالأسواق العالمية، بعد نتائج الأعمال الفصلية التي جاءت أفضل كثيرًا من التوقعات، مع تقديرات الشركة باستمرار القفزة في الإيرادات.

 

- ارتفعت إيرادات "إنفيديا" بنحو 265% لتسجل 22.1 مليار دولار في الربع الرابع من العام المالي الماضي كما قفزت الأرباح 769%.

 

- لم تكتف الشركة الأمريكية بتجاوز أرباحها وإيراداتها لتوقعات المحللين، لكنها توقعت تحقيق مبيعات بقيمة 24 مليار دولار في الربع الأول من العام المالي الحالي، متجاوزاً تقديرات المحللين البالغة 22.2 مليار دولار.

 

 

- صعد سهم "إنفيديا" بنحو 16% في الجلسة التالية لإعلان نتائج الأعمال، لتضيف الشركة نحو 277 مليار دولار إلى قيمتها السوقية في يوم واحد، وهي أكبر قيمة مضافة لأي شركة على الإطلاق.

 

- واصل سهم شركة تصنيع الرقائق المستخدمة في الذكاء الاصطناعي صعوده في اليوم التالي، لتتجاوز القيمة السوقية لـ"إنفيديا" حاجز التريليوني دولار.

 

- اعتبر "دان آيفز" المحلل في "ويدبوش سيكيوريتيز" أن نتائج أعمال "إنفيديا" كانت بمثابة "أكبر لحظة بالنسبة لسوق الأسهم وقطاع التكنولوجيا منذ عدة سنوات"، مشيرًا إلى أنها قد تضيف المزيد من الوقود إلى فرضية السوق الصاعد.

 

- قال "توماس هايز" رئيس مجلس إدارة شركة "جريت هيل كابيتال" إن الذكاء الاصطناعي يدعم إمكانية تعزيز الإنتاجية والتي تسعى إليها الاقتصادات منذ عقدين من الزمن.

 

عوامل دعم إضافية

 

- لم تقتصر العوامل الداعمة لصعود أسواق الأسهم على التفاؤل حيال الذكاء الاصطناعي، لكن موسم نتائج الأعمال الإيجابي وتوقعات مسار السياسة النقدية ساهما في مكاسب الأسواق.

 

- في أوروبا، ساهم التفاؤل حيال قرب خفض معدلات الفائدة من جانب المركزي الأوروبي وسط تباطؤ التضخم في الارتفاع القياسي لأسواق الأسهم.

 

 

- في حين شهد موسم نتائج الأعمال في أوروبا فشل أكبر عدد من الشركات في الوفاء بتوقعات المحللين منذ وباء "كورونا"، مع ضعف اقتصاد منطقة اليورو.

 

- لكن بعض الشركات نجحت في تحقيق نتائج أعمال إيجابية، حيث صعد سهم شركة "بي إي إس إي  BESI" الهولندية لتوريد معدات تصنيع الرقائق لأعلى مستوى في تاريخه، بعد أن كشفت الشركة عن تجاوز مستهدف الربع الرابع من العام الماضي بدعم الطلب على المنتجات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي.

 

- كما أعلن بنك "ستاندرد تشارترد" ارتفاع أرباحه بنسبة 18% في العام الماضي، ليكشف عن برنامج لإعادة شراء الأسهم بقيمة مليار دولار.

 

- قال "أندرو شيتس" رئيس أبحاث الائتمان في "مورجان ستانلي" إن سوق الأسهم في أوروبا لا يزال يتداول بخصم قياسي مقارنة بالسوق الأمريكي، رغم الصعود لمستوى قياسي مؤخرًا.

 

- على جانب آخر، استفادت أسهم اليابان خلال السنوات الأخيرة من التفاؤل حيال تعافي الاقتصاد من أزمة ثبات أو تراجع الأسعار.

 

- تدافع المستثمرون الأجانب لشراء الأسهم اليابانية خلال الفترة الأخيرة، بدعم ضعف الين، والإصلاحات الداعمة للحوكمة للشركات المحلية.

 

- ذكر "نيك نيلسون" محلل الأسهم العالمية في "أبسولوت استراتيجي" أن مؤشر "نيكي" الياباني استغرق 34 عامًا للوصول إلى المستوى القياسي الحالي، بدعم تحسن أرباح الشركات.

 

- شدد "نيلسون" على أن هناك اختلافا كبيرا عن المرة الأخيرة التي وصل فيها "نيكي" لقمة قياسية خلال فقاعة الثمانينيات من القرن الماضي، حيث كان تقييم الأسهم عام 1989 يعادل أربعة أمثال ما هو عليه الآن.

 

مخاوف ومخاطر محتملة

 

- رغم حالة التفاؤل التي تسيطر على الأسواق في الوقت الحالي، فإن بعض المحللين أبدوا تخوفهم بشأن مدى استدامة هذا الصعود.

 

- يحذر بعض المحللين من هيمنة عدد محدود من الأسهم على المكاسب في السوقين الأمريكي والأوروبي، في إشارة إلى مشكلة التركز في الأسواق.

 

- في الولايات المتحدة، شكلت أسهم "العظماء السبع" وهي آبل ومايكروسوفت وأمازون وألفابت وإنفيديا وتسلا وميتا، نحو ثلثي مكاسب وول ستريت في العام الماضي.

 

 

- يرى "تشارل ريبلي" كبير استراتيجي الاستثمار في "أليانز" لإدارة الاستثمارات أن السؤال الآن يتمثل فيما إذا كان المستثمرون قد يشككون في هذا الزخم الحالي في أسواق الأسهم.

 

- أشار "ريبلي" إلى أن الارتفاعات المسجلة مؤخرًا كانت مدفوعة بشكل واضح بأسهم التكنولوجيا، ما يشكل بعض المخاطر حيال اتجاه السوق في الفترة المقبلة.

 

- كما أثار "فيليب فيريرا" نائب رئيس قسم الاقتصاد في "كيبلر شيفرو" التساؤلات حول المدة التي قد تستمر خلالها طفرة الذكاء الاصطناعي في دفع الأسواق إلى الارتفاع.

 

- أشار "فيريرا" إلى أن شركات الذكاء الاصطناعي قد يكون أمامها الكثير من التطور لتقطعه، لكن الأسهم تقترب من مستويات فنية مهمة قد تسفر عن عمليات جني أرباح.

 

- في أوروبا، ساهمت 4 أسهم فحسب في 65% من صعود "ستوكس 600" هذا العام، وهي أسهم شركة معدات صناعة الرقائق "إيه إس إم إل هولدنج"، و"نوفو نورديسك" للأدوية، و"إس إيه بي" الألمانية للبرمجيات، و"إل في إم إتش" الفرنسية للسلع الفاخرة.

 

- كما يحذر بعض المحللين من ارتفاع تقييمات الأسهم بشكل سريع وحاد مؤخرًا، ما يهدد الأسواق خلال الفترة المقبلة.

 

- قال "أوليفر بات" الرئيس التنفيذي لشركة "أليانز" لإدارة الثروات والتي تدير أصولاً بقيمة 1.85 تريليون دولار إن الأمر يبدو خطيرًا من المستويات الحالية، مشيرًا إلى أن شركته تفضل الحذر بشأن بعض التقييمات في قطاع التكنولوجيا.

 

- كشف مسح صادر عن "بنك أوف أمريكا" أن المستثمرين يضخون الأموال بوتيرة قياسية في صناديق أسواق المال، مع وصول أسواق الأسهم العالمية لمستويات غير مسبوقة.

 

- على جانب آخر، يتمثل أحد المخاطر الإضافية أمام استمرار صعود أسواق الأسهم في إبداء صانعي السياسة رغبتهم في التأني قبل التحول لخفض معدلات الفائدة.

 

 

- قال "كريستوفر والر" عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي إنه لا عجلة لخفض معدلات الفائدة، كما حذر "باتريك هاركر" رئيس الفيدرالي في فيلادلفيا من التوقعات بقرب خفض تكاليف الاقتراض.

 

- كان محضر الاجتماع الأخير للفيدرالي الأميركي قد أشار إلى قلق أعضاء لجنة السوق المفتوحة بشأن خفض معدلات الفائدة في وقت مبكر عن اللازم.

 

- قلصت الأسواق توقعاتها لموعد أول خفض للفائدة الأمريكية إلى شهر يونيو المقبل، لترجح التقديرات قيام الفيدرالي بخفض الفائدة 3 مرات هذا العام، بعد أن كانت التوقعات تشير إلى 6 عمليات خفض.

 

- كما أظهر محضر اجتماع المركزي الأوروبي الأخير أن مسؤولي البنك متمسكون بنهج الصبر فيما يتعلق بمسار السياسة النقدية.

 

- في اليابان، ذكرت "أوفين ديفيت" كبيرة مسؤولي الاستثمار في "مونيتا أديفيزوري" أن الصعود الحاد لسوق لأسهم يبدو أنه يتحرك بعيدًا عن أساسيات السوق.

 

- أشارت "ديفيت" إلى أن هناك بعض القلق بشأن سبب ارتفاع الأسهم في اليابان بهذه السرعة، في الوقت الذي لم تشهد فيه الأساسيات المتعلقة بالتركيبة السكانية وتاريخ انكماش الأسعار أي تغيرات حقيقية.

 

- الصعود الحاد للأسهم اليابانية جاء بالرغم من فقدان الاقتصاد للمرتبة الثالثة في قائمة أكبر اقتصادات العالم لصالح ألمانيا، بعد دخوله في ركود تقني عقب الانكماش لفصلين متتاليين.

جميع الحقوق محفوظة @ 2019
Powered By : Idea World Web
عرض اليوم