بعد مرور عام على التنفيذ .. هل حقق قرار تجزئة القيمة الاسمية للأسهم المستهدف منه؟

79/7/2024

بعد مرور عام على التنفيذ .. هل حقق قرار تجزئة القيمة الاسمية للأسهم المستهدف منه؟

شاشة تداول السوق السعودي


منذ بدء تطبيق هيئة السوق المالية نظام الشركات ولوائحه التنفيذية اعتباراً من 19 يناير 2023م وحتى نهاية عام 2023م، استفادت 42 شركة مدرجة في السوق المالية السعودية بشقيها الرئيسية "تاسي" والموازية "نمو" من آلية تجزئة القيمة الاسمية لأسهمها، حيث قررت تلك الشركات تجزئة القيمة الاسمية لها من 10 ريالات إلى قيم مختلفة أقل، بما يمثل نسبة 14% من إجمالي عدد الشركات المدرجة في السوق المالية السعودية، فيما رفضت وتراجعت سبع شركات مدرجة عن إجراء تجزئة القيمة الاسمية لأسهمها، وذلك لأسباب مختلفة منها عدم جدوى قرار التجزئة بالنسبة لها في الوقت الحالي.


ومنح نظام الشركات المرونة لكل شركة لزيادة القيمة الاسمية لأسهمها أو خفضها، بعد إلغاء الحد الأدنى للقيمة الاسمية للسهم وتحديدها في النظام الأساسي للشركة، وأصبح قرار التجزئة لأسهم الشركات يتم بناء على توصية من مجلس الإدارة ثم يصبح القرار نافذاً بعد موافقة الجمعية العمومية على التجزئة، وهو ما يختلف عن المرات السابقة التي تمت فيها التجزئة في السوق السعودية، حيث كان القرار إلزامياً، ويشمل جميع الشركات مع توحيد القيمة الاسمية لجميع الشركات، حيث تمت التجزئة من 100 إلى 50 ريالاً في عام 1998م، وبعده بثماني سنوات وتحديداً في عام 2006م تمت التجزئة الثانية من 50 ريالاً إلى 10 ريالات.


وشهدت السوق الموازية "نمو" الزخم الأكبر لعمليات التجزئة خلال عام 2023م، إذ بلغت الشركات التي نفذت آلية التجزئة في سوق "نمو" 24 شركة تمثل 57% من إجمالي الشركات التي قامت بعمليات التجزئة في السوقين الرئيسية والموازية، كما تمثل 36% من إجمالي عدد الشركات المدرجة في سوق "نمو" والبالغة 67 شركة، أما في السوق الرئيسية فقد قامت 18 شركة بالاستفادة من آلية التجزئة وهي تمثل نسبة 8% من إجمالي الشركات المدرجة في السوق الرئيسية والبالغ عددها 230 شركة.


وبتحليل بيانات السيولة للشركات التي نفذت عملية التجزئة خلال عام 2023م في السوق الرئيسية، نلاحظ أن مستويات السيولة ارتفعت بشكل ملحوظ بعد تجزئة القيمة الاسمية للشركات ذات الأسعار المرتفعة، وهو ما يتوافق مع الهدف الأساسي من التجزئة، حيث يتم اللجوء لتلك الآلية عندما يكون سعر السهم مرتفعاً، وذلك لدعم السيولة على السهم، ليكون في متناول فئة أكبر من المستثمرين. وبالنسبة لمستويات السيولة بعد التجزئة للشركات ذات الأسعار دون 50 ريالاً للسهم، نجد أن السيولة تراجعت بشكل ملحوظ بعد تنفيذ عملية التجزئة.


وتشهد أسعار الأسهم بعد التجزئة تذبذباً خلال الجلسات الأولى من التداولات، حيث إنه ومن خلال متابعة حركة الأسهم التي نفذت عملية التجزئة خلال عام 2023م نجد أن أسعار 23 شركة منها شهدت تراجعاً خلال الثلاث جلسات الأولى بعد التجزئة، فيما ارتفعت أسعار 19 شركة أخرى، وهو ما يؤكد عدم وجود تأثير مباشر لقرار التجزئة على توجيه حركة السهم بشكل إيجابي أو سلبي، حيث لا يترتب على تنفيذ التجزئة أي تأثير على التقييم المالي للشركة، ولا يحدث أي تغيير في القيمة السوقية لها.


ومن وجهة نظر أخرى، فإن القيمة السوقية لأسهم الشركات تتأثر خلال أول جلستي تداول بعد التجزئة (والتي تتم بعد موافقة الجمعية العمومية) نتيجة التذبذب السعري الكبير لسهم الشركة، مع تأخر إيداع الأسهم المجزأة في محافظ المساهمين إلى ثالث جلسة تداول بعد التجزئة، حيث شهد ما يقرب من  80% من الشركات ارتفاعاً في أسعارها في الجلسة الأولى بعد التجزئة، فيما تراجعت أسعار نحو 70% من الشركات في الجلسة الثانية بعد التجزئة، وهو ما يتطلب إعادة النظر في آلية تجزئة الأسهم من خلال دراسة إمكانية تعليق التداول على السهم خلال أول جلستين بعد قرار التجزئة، كما هو الحال عند تخفيض رأس مال الشركات، أو إضافة الأسهم المجزأة في محافظ المستثمرين في الجلسة الأولى مباشرة بعد قرار التجزئة.


وباستمرار الحديث عن القيمة السوقية للأسهم، ولكن من زاوية الشركات التي رفضت وتراجعت عن قرار التجزئة فنجد أن نحو 86% منها شهد أداءً إيجابياً عند مقارنة أسعارها بنهاية عام 2023م مع أسعارها عند اتخاذ القرار بعدم تجزئة القيمة الاسمية لأسهمها وهو ما قد يشير إلى التفاعل الإيجابي من جانب المساهمين مع القرار.


وبعد تطبيق آلية التجزئة في السوق السعودي، ظهرت بعض المطالب بإجراء بعض التعديلات، في مقدمتها توحيد القيمة الاسمية لأسهم الشركات المدرجة، أسوة بما تم في قرارات التجزئة السابقة، وذلك لأسباب عدّة منها سهولة التعامل مع الشركات دون الحاجة إلى البحث عن قيمتها الاسمية، إلا أنه وعند رصد الممارسات العالمية لآلية التجزئة يتضح منها عدم تحديد عدد معين لمرات التجزئة للسهم، إذ يُمكن للشركات تجزئة أسهمها عدة مرات كما تشاء، فعلى سبيل المثال، قامت شركة التكنولوجيا العملاقة مايكروسوفت بتجزئة أسهمها 9 مرات خلال الفترة بين عامي 1987–2003م، وبالتالي عدم وجود قيمة اسمية موحدة لأسهم الشركات المدرجة.


ويمكن تعريف تجزئة القيمة الاسمية للسهم بأنها عبارة عن زيادة عدد أسهم الشركة إلى عدد أكبر من الأسهم بقيمة اسمية أقل، دون أي تأثير أو تغيير في حقوق المساهمين، إذ إن زيادة عدد الأسهم المملوكة للمستثمر لا تعني حصوله على أرباح نقدية أكثر عند توزيعها، وذلك لأن التجزئة لا تؤثر في إجمالي الأرباح النقدية، كما لا تؤثر على القيمة السوقية الإجمالية للشركات.


ويبرز تحسين السيولة كأحد الأهداف الرئيسة التي تحفز الشركات لاستخدام آلية التجزئة من خلال زيادة عدد الأسهم المتاحة للتداول، بهدف إتاحة الفرصة لأكبر عدد من المستثمرين، وسهولة دخول صغار المتداولين في الشركات ذات الأسعار المرتفعة وتوسيع قاعدة المستثمرين فيها، إضافة إلى دور التجزئة في ارتفاع أحجام التداول في أسهم تلك الشركات، حيث تزداد أهمية التجزئة عند ارتفاع أسعار الأسهم إلى مستويات لا تكون في متناول جميع المستثمرين.


وعلى مستوى المختصين في السوق المالية، فإن عدداً منهم يرى أن تجزئة الأسهم تخلق فرصاً للشركات الراغبة في النمو، وتزيد من احتمالية ارتفاع القيمة السوقية للسهم لزيادة الطلب، عن طريق زيادة المضاربة في حجم التداول، الأمر الذي من شأنه أن يسهم في ارتفاع سيولة السوق، كما أنه يسهّل من عملية الحصول على التمويلات المالية من قبل الشركات عن طريق المساهمين، مما يؤدي إلى اتساع عمق الشركات، والذي بدوره ينعكس على اتساع عمق الأسواق المالية، في الوقت الذي انتقد آخرون عشوائية القرارات المتخذة من قِبل الشركات فيما يتعلق بتجزئة الأسهم، مطالبين بوضع مزيد من الشروط والضوابط لعمليات التجزئة بناء على ربحية الشركات وكفاءتها المالية.

جميع الحقوق محفوظة @ 2019
Powered By : Idea World Web
عرض اليوم